أسماء بنت أبي
بكر الصديق
نــسبها :
كانت أسمـاء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها -
تحمل نسباً شريفاً عالياً جمعت فيه بين المجد والكرامة والإيمان ،
فوالدها هو صاحب رسول الله، وثاني اثنين في الغار، وخليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه يقول الشاعر:
تزوج النبي صلى الله علية وسلم بعائشة رضي الله
عنها، بنت الصديق أحد المبشرين بالجنة، وأفضل الصحابة (2)،
أما
عن جدها فهو عتيق والد أبي بكر ويقال: عتيق بن أبي قحافة
عثمان بن عامر، القرشي ، التميمي ، ولد بمكة ، ونشأ سيداً من سادات
قريش،
وغنياً من كبار موسريهم ، وعالما بأنساب القبائل، وأخبارها وسياستها.أما زوج
أسماء
فحواري رسول الله الزبير بن العوام وأبنها عبد الله بن الزبير بن العوام رضي
الله
عنهم أجمعين. وأمها قتيلة بنت عبد الغزى، قرشية من بني عامر بن لؤي ، وقد
اختلفت
الروايات في إسلامها ، فإذن هي قرشية تيمية بكرية.
مولدهـا:ولدت أسماء في مكة المكرمة
في قبيلة قريش ، أخوها عبد الله بن أبي أبكر أكبر من ببضع
سنوات وهي أكبر عن السيدة عائشة بعشر سنوات وأختها من أبيها، وهي من الذين ولدوا
قبل الهجرة 27عاما.
إسلامها:عاشت أسماء رضي الله عنها
حياة كلها إيمان منذ بدء الدعوة الإسلامية ، فهي من السابقات
إلى الإسلام ، ولقد أسلمت بمكة وبايعت النبي صلى الله علية وسلم على
الأيمان
والتقوى، ولقد تربت على مبادئ الحق والتوحيد والصبر متجسدة في تصرفات
والدها
، ولقد أسلمت عن عمر لا يتجاوز الرابعة عشرة ، وكان إسلامها بعد سبعة عشر
إنساناً(3 ).
شخصيتها:كانت على قدر كبير من
الذكاء، والفصاحة في اللسان، وذات شخصية متميزة تعكس جانباً
كبيراً من تصرفاتها، وكانت حاضرة القلب، تخشى الله في
جميع أعمالها. بلغت أسماء رضي الله عنها مكانة عالية في رواية الحديث
، وقد روى عنها أبناؤها عبد الله وعروة وأحفادها
ومنهم فاطمة بنت المنذر، وعباد بن عبد الله، وقد روت في الطب ، وكيفية صنع
الثريد ، وفي تحريم الوصل وغيرها من أمور.وكان الصحابة والتابعون يرجعون إليها
في أمور الدين ، وقد أتاح لها هذا عمرها الطويل
ومنزلتها الرفيعة.تزوجها رجل عفيف مؤمن من العشرة المبشرين بالجنة ، ألا
وهو الزبـير بن العوام، فكانت له خيرة الزوجات، ولم يكن له من متاع
الدنيا
إلا منزل متواضع وفرس، كانت تعلف الفرس وتسقيه الماء وترق النوى لناضحه،
وكانت
تقوم بكل أمور البيت ، حيث تهيئ الطعام والشراب لزوجها ، وتصلح الثياب،
وتلتقي
بأقاربها وأترابها لتتحدث عن أمور الدين الجديد ، وتنقل هذا إلى زوجها ، وقد
كانت
من الداعيات إلى الله جل وعز.ظلت أسماء رضي الله عنها تعيش حياة هانئة طيبة
مطمئنة
في ظل زوجها مادام الإيمان كان صادقاً في قلوبهم ، وكان ولاؤهم لله واتباعهم
لسنة
الرسول صلى الله عليه وسلم.أنجبت أسماء رضي الله عنها أول غلامٍ في الإسلام بعد
الهجرة ، وأسمته عبد الله، وكان الزبير قاسياً في معاملته ،
ولكنها كانت تقابل ذلك بالصبر والطاعة التامة وحسن العشرة، وبعد زمن طلقها الزبير
بن العوام ، وقيل: إن سبب طلاقها أنها اختصمت هي والزبير ، فجاء ولدها عبد الله
ليصلح بينهما ، فقال الزبير: إن دخلت فهي طالق.فدخل،
فطلقها.(4)، وكان ولدها يجلها ويبرها وعاش معها ولدها عبد الله ، أما
ولدها عروة فقد كان صغيراً آنذاك ، فأخذه زوجها الزبير. وقد ولدت
للزبير
غير عبد الله وعروة: المنذر ، وعاصم ، والمهاجر ، وخديجة الكبرى ، وأم الحسن
، وعائشة رضي الله عنهم.
وفي أثناء الهجرة هاجر من المسلمين من هاجر إلى
المدينة
، وبقي أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينتظر الهجرة مع النبي صلى الله علية
وسلم
من مكة ، فأذن الرسول صلى الله علية وسلم بالهجرة معه، وعندما كان أبو بكر
الصديق
رضي لله عنه يربط الأمتعة ويعدها للسفر لم يجد حبلاً ليربط به الزاد الطعام
والسقا
فأخذت أسماء رضي الله عنها نطاقها الذي كانت تربطه في وسطها فشقته نصفين
وربطت
به الزاد، وكان النبي صلى الله علية وسلم يرى ذلك كله ، فسماها أسمـاء ذات
النطــاقين
رضي الله عنها ، ومن هذا الموقف جاءت تسميتها بهذا اللقب.وقال لها
الرسول
صلى الله عليه وسلم : (أبدلك الله عز وجل بنطاقك هذا نطاقين في الجنة) (5) ، وتمنت
أسماء الرحيل مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبيها وذرفت الدموع ، إلا إنها
كانت مع أخوتها في البيت تراقب الأحداث وتنتظر الأخبار، وقد كانت تأخذ الزاد والماء
للنبي صلى الله علية وسلم ووالدها أبي بكر الصديق غير آبهة بالليل والجبال
والأماكن الموحشة ، لقد كانت تعلم أنها في رعاية الله
وحفظه ولم تخش في الله لومة لائم.
وفي أحد الأيام وبينما كانت نائمة أيقظها طرق قوي
على الباب ، وكان أبو جهل يقف والشر والغيظ يتطايران من عينيه ، سألها
عن والدها ، فأجابت: إنها لاتعرف عنه شيئاً فلطمها لطمة على وجهها طرحت منه قرطها
(6) ، وكانت أسماء ذات إرادة وكبرياء قويين ، ومن المواقف التي تدل على
ذكائها أن جدها أبا قحافة كان خائفاً على أحفاده ، ولم يهدأ له
بال ، لأنهم دون مال ، فقامت أسماء ووضعت قطعاً من الحجارة في كوة صغيرة ،
وغطتها بثوب ، وجعلت الشيخ يتلمسه ، وقالت: إنه ترك لهم
الخير الكثير فاطمأن ورضي عن ولده ، ونجحت أسماء في هذا التصرف ، ونجح
محمد
صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الوصول إلى المدينة المنورة.
روايتها عن الرسول:
روت أسماء رضي الله عنها خمسة وثمانين حديثاً
وفي
رواية أخرى ستة وخمسين حديثاً، اتفق البخاري ومسلم على أربعة عشر حديثاً،
وانفرد
البخاري بأربعة وانفرد مسلم بمثلها، وفي رواية أخرج لأسماء من الأحاديث في
الصحيحين
اثنان وعشرون المتفق عليه منها ثلاثة عشر والبخاري خمسة ولمسلم
أربعة.