من طرف محمد صفوت الجمعة أبريل 16, 2010 1:08 amلماذا نقلد الغرب تقليدا اعمى؟!..
بقلم/ اسلام ادريس..
كنت جالسا الى مكتبي وقت الغروب, وامامي اوراقي تنتظر ان اخط عليها كلمات جديدة, فوجدت السؤال التالي يطرح نفسه على ذهني" لماذا نقلد الغرب تقليدا اعمى؟!", فأمسكت بقلمي, وانسكبت على الاوراق كلماتي, فكان ميلاد هذا المقال..
* * * *
هل تظن انني قد اكون متجنيا اذا قلت ان الكثير من شبابنا يندفع بلا حذر, وبلا روية لتقليد شباب الغرب تقليدا اعمى؟!..
وهل تعتقد انني قد ابتعدت عن جادة الحق والصواب اذا اخبرتك ان هذا الشباب لايقلد الا توافه الامور وصغائرها؟!..
وسأضرب لك هنا امثلة حية بيننا حتى لا يأتي البعض ويتهم كلماتي بأنها كلمات مرسلة بلا دليل يمنحها المصداقية والقبول لدى من يقرؤها.
* * * *
تخيل انك الآن في الجامعة, وانك تسير في الحرم الجامعي, فترى فتاة وقد "نكشت" شعرها كالمقشة, وصبغت خصلاته عند اطرافها بلون اشقر باهت, وتركته عند منابته اسودا كما خلقه الله, حاول ان تقترب منها, وتستوقفها وتسألها" ممكن اعرف انت عمله كده في شعرك ليه؟!"..
ستجدها تنظر اليك بقرف واشمئزاز- وكأنك قد غادرت بالوعة المجاري للتو!-, وتجيبك وهي تتعجب من جهلك وتخلفك:" دي قصة شعر شاكيرا, هو انت ماتعرفش شاكيرا وللا ايه؟, مابتشوفش حفلاتها وكليباتها؟"..
لله مااعجبه من سلوك؟!.. وما اسخفها من اجابة؟!!..
لقد اندفعت هذه الفتاة كالعمياء تماما, وغيرت من هيئتها التي صورها الله عليها, فقط لان تصبح مثل شاكيرا!!.. اوليس هذا تقليدا اعمى؟!..
* * * *
ودعك الآن من الجامعة, ومن تلك الفتاة التي تريد ان تصبح مثل شاكيرا, وانزل الى الشارع, سيقابلك شاب رقيع, وقد ازال جزءا كبيرا من شعره, ولطخ الجزء المتبقي منه "بالجيل" ليتحول الى اشواك لا بد إن رأيتها ان تذكرك بأشواك القنافذ, حاول ان تغالب اشمئزازك من هذا المنظر الشاذ, واستوقف هذا الشاب واسأله:" ممكن تقولي انت عامل شعرك زي الشوك كده ليه؟"..
ستجده بفخريتحسس اشواك رأسه قبل ان يجيبك قائلا:" جرى ايه يابو الكباتن, دا الشباب الامريكاني كله بيعمل كده!"..
من المؤكد انك ستشعر برغبة تفور في اعماقك بأن تلكم هذا الرقيع في انفه, وتصرخ في وجهه بكل الغيظ في نفسك:" يااخي وانت تقلدهم ليه؟!.. هو انت يعني امريكاني؟!"..
* * * *
وهاهو مثال آخر للتقليد الاعمى الذي يسري بين شبابنا كما تسري النار في الهشيم, فإاذا ما رأيت مجموعة من الشباب يستمعون الى موسيقى غربية لا تحمل لسامعها الاالضوضاء والازعاج الشديدين, حاول ان تقترب من هذه المجموعة الصاخبة, وحاول ايضا ان ترفع صوتك فوق صوت الصخب الذي احاطوا به انفسهم واسألهم:" ايه الوش اللي انتو بتسمعوه ده؟", ستجد احدهم يجيبك وهو يتمايل كالثعبان على الانغام المدوية كالقنابل:" ياه ياعم, هو انت من المريخ وللا ايه, دا الشباب في اوروبا وامريكا مابيسمعوش الا الموسيقى الكوول دي"!!
* * * *
وهاهو مثال اخير عزيزي القارئ, انهم مجموعة من الشباب يسيرون في الشارع,سترى بينهم شاب يرتدي "بنطلون" جينز وقد مزقه على نحو عجيب في اكثر من موضع, حاول ان تكتم الضحك في اعماقك واسأل هذا الشاب عن السبب الذي دفعه لأن يفعل هذا في ملابسه, ستجده يجيبك وهو فخور بنفسه الى اقصى الحدود:" اصلي كنت في الهرم و شوفت شوية شباب اجانب عاملين كده, لقيته كوول خالص فعملت زيهم وبس"!!
* * * *
واحقاقا للحق, فهذا ليس حال كل شبابنا, ولكن صدقني- او لا تصدقني-, فإنه حال فئة كبيرة من شبابنا الذين ارتضوا لانفسهم تقليد نظرائم في الغرب دون التوقف- ولوللحظة واحدة!- والتفكير في كون مايقلدونه مفيدا لهم ام لا؟!!..
فلماذا التقليد؟!, ولماذا يصر هؤلاء الشباب على الانسلاخ من انفسهم ليتخذوا هويات ليست لهم؟!, ولاتتناسب والقيم التي تربوا عليها؟!..
ولماذا قد نلجأ الى التقليد ونحن اصحاب حضارة اسلامية سادت العالم يوما, وبنور العلم اضاءت ظلام الجهل بين شعوب الغرب التي يتفنن شبابنا في تقليدها اليوم؟!!!..
فنحن من بنينا قصر الحمراء في غرناطة, ونحن ايضا من بنينا المسجد الجامع في قرطبة, ونحن من وضعنا اسس الفلسفة والمنطق, وقواعد الفيزياء والكيمياء, وعلماء المسلمين هم من اكتشفوا الدورة الدموية, وهم ايضا من قالوا بأن للقلب اربعة غرف( البطينين والاذينين بلغة الطب الحديث!!)..
هذه هي حضارة الاسلام التي قلدها الغرب وهو يخطو اولى خطواته على طريق الرقي والتحضر!!, وباتباع ماوضعه علماؤها ومفكريها تقدم و تحضر!!..
ونحن-ابناء هذه الحضارة والاولى بها من غيرنا!- تأخرنا وتراجعنا!!.. وهانحن نقلد تقليدا اعمى!!..
ودعني اسألك ايها الشباب المقلد دون تفكير او تدبر..
ماشعورك اذا علمت بأن الكثير من شباب الغرب الذي تقلده في توافه الامور يقبل الآن وبكل شغف على دراسة الشعر العربي؟!.. بل انه ايضا يقبل على تعلم اللغة العربية؟!!..
وهل ستشعر بالخجل من نفسك اذا اخبرتك بأن احدى الجامعات الفرنسية الكبرى قد اخذت قرضا ماليا ضخما بضمان كتاب؟!!
اتعرف ماهذا الكتاب؟!, ومن هو مؤلفه؟!..
انه كتاب "الحاوي" الذي وضعه العالم العربي المسلم " الرازي"!!
هل رأيت كيف اخذ منا الغرب جوهر حضارتنا؟!..
واخذت انت منه الفتات الذي لا يغني ولا يسمن من جوع؟!!..
ان السبيل الى التقدم والرقي والتحضر لن يكون ابدا بالتقليد الاعمى!!
ولكنه بالرجوع الى جذور حضارتنا الاسلامية..
نتعهدها باهتمامنا.. ورعايتنا..
انه بالتمسك بديننا.. وبإعلاء قيمه ومثله السامية..
بهذا سنتقدم.. ونرقى..
وابدا لن نتأخر او نتراجع..
* * * *
وقبل ان اختم حديثي سأسألك سؤالا واحدا:
الازالت لديك الرغبة في تقليد الغرب.. تقليدا اعمى؟
بقلم/ اسلام ادريس..
كنت جالسا الى مكتبي وقت الغروب, وامامي اوراقي تنتظر ان اخط عليها كلمات جديدة, فوجدت السؤال التالي يطرح نفسه على ذهني" لماذا نقلد الغرب تقليدا اعمى؟!", فأمسكت بقلمي, وانسكبت على الاوراق كلماتي, فكان ميلاد هذا المقال..
* * * *
هل تظن انني قد اكون متجنيا اذا قلت ان الكثير من شبابنا يندفع بلا حذر, وبلا روية لتقليد شباب الغرب تقليدا اعمى؟!..
وهل تعتقد انني قد ابتعدت عن جادة الحق والصواب اذا اخبرتك ان هذا الشباب لايقلد الا توافه الامور وصغائرها؟!..
وسأضرب لك هنا امثلة حية بيننا حتى لا يأتي البعض ويتهم كلماتي بأنها كلمات مرسلة بلا دليل يمنحها المصداقية والقبول لدى من يقرؤها.
* * * *
تخيل انك الآن في الجامعة, وانك تسير في الحرم الجامعي, فترى فتاة وقد "نكشت" شعرها كالمقشة, وصبغت خصلاته عند اطرافها بلون اشقر باهت, وتركته عند منابته اسودا كما خلقه الله, حاول ان تقترب منها, وتستوقفها وتسألها" ممكن اعرف انت عمله كده في شعرك ليه؟!"..
ستجدها تنظر اليك بقرف واشمئزاز- وكأنك قد غادرت بالوعة المجاري للتو!-, وتجيبك وهي تتعجب من جهلك وتخلفك:" دي قصة شعر شاكيرا, هو انت ماتعرفش شاكيرا وللا ايه؟, مابتشوفش حفلاتها وكليباتها؟"..
لله مااعجبه من سلوك؟!.. وما اسخفها من اجابة؟!!..
لقد اندفعت هذه الفتاة كالعمياء تماما, وغيرت من هيئتها التي صورها الله عليها, فقط لان تصبح مثل شاكيرا!!.. اوليس هذا تقليدا اعمى؟!..
* * * *
ودعك الآن من الجامعة, ومن تلك الفتاة التي تريد ان تصبح مثل شاكيرا, وانزل الى الشارع, سيقابلك شاب رقيع, وقد ازال جزءا كبيرا من شعره, ولطخ الجزء المتبقي منه "بالجيل" ليتحول الى اشواك لا بد إن رأيتها ان تذكرك بأشواك القنافذ, حاول ان تغالب اشمئزازك من هذا المنظر الشاذ, واستوقف هذا الشاب واسأله:" ممكن تقولي انت عامل شعرك زي الشوك كده ليه؟"..
ستجده بفخريتحسس اشواك رأسه قبل ان يجيبك قائلا:" جرى ايه يابو الكباتن, دا الشباب الامريكاني كله بيعمل كده!"..
من المؤكد انك ستشعر برغبة تفور في اعماقك بأن تلكم هذا الرقيع في انفه, وتصرخ في وجهه بكل الغيظ في نفسك:" يااخي وانت تقلدهم ليه؟!.. هو انت يعني امريكاني؟!"..
* * * *
وهاهو مثال آخر للتقليد الاعمى الذي يسري بين شبابنا كما تسري النار في الهشيم, فإاذا ما رأيت مجموعة من الشباب يستمعون الى موسيقى غربية لا تحمل لسامعها الاالضوضاء والازعاج الشديدين, حاول ان تقترب من هذه المجموعة الصاخبة, وحاول ايضا ان ترفع صوتك فوق صوت الصخب الذي احاطوا به انفسهم واسألهم:" ايه الوش اللي انتو بتسمعوه ده؟", ستجد احدهم يجيبك وهو يتمايل كالثعبان على الانغام المدوية كالقنابل:" ياه ياعم, هو انت من المريخ وللا ايه, دا الشباب في اوروبا وامريكا مابيسمعوش الا الموسيقى الكوول دي"!!
* * * *
وهاهو مثال اخير عزيزي القارئ, انهم مجموعة من الشباب يسيرون في الشارع,سترى بينهم شاب يرتدي "بنطلون" جينز وقد مزقه على نحو عجيب في اكثر من موضع, حاول ان تكتم الضحك في اعماقك واسأل هذا الشاب عن السبب الذي دفعه لأن يفعل هذا في ملابسه, ستجده يجيبك وهو فخور بنفسه الى اقصى الحدود:" اصلي كنت في الهرم و شوفت شوية شباب اجانب عاملين كده, لقيته كوول خالص فعملت زيهم وبس"!!
* * * *
واحقاقا للحق, فهذا ليس حال كل شبابنا, ولكن صدقني- او لا تصدقني-, فإنه حال فئة كبيرة من شبابنا الذين ارتضوا لانفسهم تقليد نظرائم في الغرب دون التوقف- ولوللحظة واحدة!- والتفكير في كون مايقلدونه مفيدا لهم ام لا؟!!..
فلماذا التقليد؟!, ولماذا يصر هؤلاء الشباب على الانسلاخ من انفسهم ليتخذوا هويات ليست لهم؟!, ولاتتناسب والقيم التي تربوا عليها؟!..
ولماذا قد نلجأ الى التقليد ونحن اصحاب حضارة اسلامية سادت العالم يوما, وبنور العلم اضاءت ظلام الجهل بين شعوب الغرب التي يتفنن شبابنا في تقليدها اليوم؟!!!..
فنحن من بنينا قصر الحمراء في غرناطة, ونحن ايضا من بنينا المسجد الجامع في قرطبة, ونحن من وضعنا اسس الفلسفة والمنطق, وقواعد الفيزياء والكيمياء, وعلماء المسلمين هم من اكتشفوا الدورة الدموية, وهم ايضا من قالوا بأن للقلب اربعة غرف( البطينين والاذينين بلغة الطب الحديث!!)..
هذه هي حضارة الاسلام التي قلدها الغرب وهو يخطو اولى خطواته على طريق الرقي والتحضر!!, وباتباع ماوضعه علماؤها ومفكريها تقدم و تحضر!!..
ونحن-ابناء هذه الحضارة والاولى بها من غيرنا!- تأخرنا وتراجعنا!!.. وهانحن نقلد تقليدا اعمى!!..
ودعني اسألك ايها الشباب المقلد دون تفكير او تدبر..
ماشعورك اذا علمت بأن الكثير من شباب الغرب الذي تقلده في توافه الامور يقبل الآن وبكل شغف على دراسة الشعر العربي؟!.. بل انه ايضا يقبل على تعلم اللغة العربية؟!!..
وهل ستشعر بالخجل من نفسك اذا اخبرتك بأن احدى الجامعات الفرنسية الكبرى قد اخذت قرضا ماليا ضخما بضمان كتاب؟!!
اتعرف ماهذا الكتاب؟!, ومن هو مؤلفه؟!..
انه كتاب "الحاوي" الذي وضعه العالم العربي المسلم " الرازي"!!
هل رأيت كيف اخذ منا الغرب جوهر حضارتنا؟!..
واخذت انت منه الفتات الذي لا يغني ولا يسمن من جوع؟!!..
ان السبيل الى التقدم والرقي والتحضر لن يكون ابدا بالتقليد الاعمى!!
ولكنه بالرجوع الى جذور حضارتنا الاسلامية..
نتعهدها باهتمامنا.. ورعايتنا..
انه بالتمسك بديننا.. وبإعلاء قيمه ومثله السامية..
بهذا سنتقدم.. ونرقى..
وابدا لن نتأخر او نتراجع..
* * * *
وقبل ان اختم حديثي سأسألك سؤالا واحدا:
الازالت لديك الرغبة في تقليد الغرب.. تقليدا اعمى؟
